يمكن أن تندرج الترجمة في قائمة الحرف عندما تكون نتاج آلة أو ناتجةً عن اتباع الأسلوب الحَرفي في الترجمة، ولكن دوماً ما ترقى الترجمة الجيدة إلى مستوى الفن الإبداعي.
تعتمد رؤيتنا للترجمة على أنها ضرب من ضروب الفن على ما إذا كنا نعمل في مجال الترجمة أم لا. قد يبدو لنا أنها بعيدة كل البعد عن الفن، وأقرب ما تكون إلى حرفة أو علم. إلا أن الإبداع الذي يحول الترجمة إلى فنٍ يكمن في مخيلة المترجم، الذي يجعل من مفردات لغة ما ريشةً يرسم بها صور لغة أخرى.
أما بالنسبة لما يميّز حرفةً أو علماً معيناً، فهو مجموعة القواعد والخوارزميات التي تحكمها. لنأخذ النجارة على سبيل المثال- حيث يمكننا اتباع بعض الصيغ الواضحة- سنصنع عند تطبيقها مشغولات خشبية جميلة، بصرف النظر غما إذا كنا نتمتع بفهم تام للعلم الذي يدعم عملية صنعها أو نتملك ذلك الحس الإبداعي أم لا. إذ يمكننا دوماً أن نعيد إنتاج تلك القطع الخشبية ذاتها بتطبيق القواعد عينها، حتى أنه بوسعنا إنتاج قطع خالية من العيوب تماماً عند إتقاننا لهذه الحرفة.
وعندما يتعلق الأمر بالعلم، لنأخذ إجراء تجربة علمية مثالاً على ذلك، فإننا نجمع عناصر الطريقة التجريبية ألا وهي (الملاحظات والفرضية واختبار البيانات وتحليلها)، مع كامل إدراكنا للعلاقة السببية التي تحكم هذا النوع من التجارب.
ولكن ماذا عن الفن؟ يحتاج الفن إلى حسٍّ إبداعي يحوله إلى أحد أشكال الفن.
الحرفة والآلة
تُعتبر الترجمة أحد أنواع الحرف عندما تنتجها آلة أو تكون وليدة عملية ترجمة حَرفية، تُجرّد الترجمة الناتجة من روحها وإيقاعها وجوهرها، رغم كونها صحيحةً من حيث المنهج. ولكن يبقى هذا النوع من الترجمة هشاً، لأنه لا يتمتع بالدقة أو الوضوح بل يبعث على الحيرة في نفوس جمهور القراء.
فن الترجمة
لماذا نعتبر الترجمة فناً؟ لأننا ببساطة عندما نتخطى حدود الجانب الحَرفي للترجمة، تبدأ رحلتنا في عالم التلاعب بمفردات نص ما وقواعده اللغوية وأسلوبه وإحساسه، ينتج عن اندماجها مع بعضها البعض تحفة إبداعية.
ومن هنا ندرك بأن الإبداع يمثل جوهر عملية الترجمة. فليس من السهل دوماً نقل رسالة النص الأصلي بصدق وأسلوب جميل. حيث يتعين على المترجم في بعض الأحيان أن يُحيي المؤلف بتحويله إلى شخصية يرسم ملامحها وصفاتها بأسلوبه ونبرته. ولكن تبرز هنا خطورة أن يسبغ المترجم على النص أفكاره وآراءه الخاصة، مما يُفضي إلى استبدال المعنى المقصود في النص الأصلي.
ولكنّ هذه الخطورة هي في حد ذاتها ما يجعل من المترجمين فنانين، لأنهم يخرجون لنا بعمل فني جديد كلّما عملوا على مشروع ترجمة. حيث ينقل لنا هذا العمل معنى النص الأصلي ولكن بروح جديدة. فإنه من الصعب على المترجمين ألاّ يضفوا بعضاً من الجوانب الجديدة الخاصة بهم على النص الأصلي مهما حاولوا الالتزام بجوانبه اللغوية الأصلية- ليبحروا حينها في عالم الإبداع.
وللإجابة على السؤال المطروح فيما إذا كانت الترجمة علماً أو ضرباً من ضروب الفن، فهي حتماً ضرب من ضروب الفن إذا تميّز المترجم بالإبداع.
أما الآن، فهل تبحث أفضل خدمة ترجمة تضمن لك ترجمة المحتوى الخاص بك إلى محتوى “كأنه لم يخضع للترجمة”؟ حسناً، لا تبحث كثيراً! سينقل لك دقيق المعنى الحقيقي للنص الأصلي الذي ترغب في ترجمته بلمسة إبداعية تحوله إلى عمل فني.
No comments yet.