أصبحت دراسة السعادة في مكان العمل من اهتمامات علماء الاجتماع وقد اكتسبت المزيد من الاهتمام في الأوساط الأكاديمية على مر السنين.
وفي الواقع، تم تصميم العديد من المؤشرات في السنوات الستين الماضية لقياس السعادة بين الموظفين في بيئة العمل، بما في ذلك مقياس السعادة الذاتية (SHS) وجدول التأثير الإيجابي والسلبي (PANAS) ومقياس الرضا بالحياة الذي وضعه دينر (SWLS) والأداة متعددة الأوجه التي صممها رودريغيز كاسترو في عام 2015، وأخرى.
ومهنة الترجمة ليست استثناءً، وقد كان لها نصيبها في مثل هذه الاستطلاعات، والتي استندت إلى مراجعة للأدبيات في هذا المجال من قبل فريق دقيق، وقد استندت هذه الدراسات أساسًا إلى منهجية كمية تتضمن استبيانًا ومجموعة من الأسئلة التي تختلف من دراسة إلى أخرى. وتتناول غالبية هذه الدراسات التصورات والتقييم الذاتي للمهنة ومكان العمل ويسعى الباحثون من خلال ذلك إلى تحليل الاستجابات المتعلقة بعوامل معينة والتوصل إلى استنتاجات ونتائج.
وقد حددت إحدى الدراسات خمسة عوامل هي: المكانة، والراتب، والرؤية، والقوة والتأثير، والتقدير، بالإضافة إلى الارتباط بين العمر ومستوى السعادة في العمل. ومثل كل شخص آخر، فإن الوضع الاجتماعي لعمل المترجمين مصدر للسعادة بسبب الطريقة التي ينظر بها المجتمع إليهم على أنهم من النخبة. وكذا فإن الرضا عن قيمة الأجر مهم أيضًا لتحقيق السعادة، خاصةً إذا كان المترجم يعتقد أنه يتلقى ما يستحقه من مال ومزايا إضافية. وآخر شيء يحتاجه صاحب العمل هو أن يكون أعضاء فريقه قلقين بشأن لقمة العيش أو رفاه أسرهم.
ويرتبط بهذا بعنصر التقدير. إن أي موظف يقوم بعمله يستحق الشكر والتشجيع، والتي يجب أن تأخذ شكل حزمة حوافز لمكافأة لإنجازات الجيدة. فالمترجمون يعملون ليل نهار وفي عطلة نهاية الأسبوع للوفاء بالمواعيد النهائية، مما يضغط على المترجمين ويسبب التوتر، وبالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بمثل هذا التحدي، فإن المواعيد النهائية ثقيلة على النفس، لذا فإن أقل ما يمكن للمشرف أو لصاحب العمل القيام به هو إظهار التقدير لعملهم وتحفيز الفريق لأداء أفضل.
بشكل عام، ووفقًا للدراسات التي تمت مراجعتها، يبدو أن المترجمين راضون إلى حد ما عن وظائفهم، ويحتلون مرتبة في المنتصف. وقد أجرى موقع CareerExplorer استبيانًا اتضح من خلاله أن المترجمين “قيموا سعادتهم المهنية 3.1 من 5 نجوم مما يضعهم في أدنى 44٪ من السلم الذي يتضمن مهنا أخرى”. ويركز المقياس المستخدم على الراتب على: “هل المترجمون سعداء براتبهم؟ وعلى المعنى: هل يجد المترجمون وظائفهم ذات مغزى؟ وكذا الشخصية الملائمة: ما مدى ملاءمة شخصيات الأشخاص لمهامهم اليومية كمترجمين؟ وبيئة العمل: ما مستوى الاستمتاع في بيئات العمل التي يتواجد بها المترجم؟ وكذلك استخدام المهارات: هل يستخدم المترجمون قدراتهم على أفضل وجه؟”
بطبيعة الحال، فإن الترجمة كمهنة ليست قالبا واحدا، لأنها تنطوي على مجموعة واسعة من التخصصات، مثل الترجمة القانونية والأدبية والإعلامية والطبية … إلخ. وهناك أيضًا مترجمون فوريون ومحررون ومراجعون لغويون ومشرفون ومترجمون منزليون وغيرهم. وقد قارنت الدراسات بين أزواج من هذه التخصصات لقياس تصورات العاملين في هذه المجالات لوظائفهم، وكانت النتائج قريبة إلى حد ما: المترجمون ليسوا سعداء للغاية، لكنهم لا يشعرون بالسوء تجاه مهنتهم.
No comments yet.