رفاعة الطهطاوي، رجل الدين الذي تحول إلى أيقونة النهضة العربية

الفئة: سيرة ذاتية       بقلم: دقيق          بتاريخ 19 أكتوبر 2021
يقول دقيق

 

رفاعة الطهطاوي، رجل الدين الذي تحول إلى أيقونة النهضة العربية

كان رفاعة الطهطاوي (1801-1873) مجرد إمام في الخامسة والعشرين من عمره يرافق مجموعة من الطلاب في منحة دراسية في فرنسا كجزء من برنامج أطلقه حاكم مصر آنذاك محمد علي، رجل مصر القوي الذي صعد إلى السلطة عام 1805، وبدأ بإرسال الشباب المصريين إلى الغرب لنقل التقنيات الجديدة إلى مصر.
وفي مصر، وفقًا لمجلة دراسات الشرق الأوسط (العدد 32)، أنشأ الزعيم شبه المستقل مدارس ومعاهد فنية، إلى جانب مطبعة، ورعى حملة ترجمة شهدت نقل المعرفة الجديدة إلى اللغة العربية وإتاحتها للجميع.
عاد الطهطاوي المولود في قرية طهطا بسوهاج عاد من البعثة مسلحاً بإتقان اللغة الفرنسية وبنظرة جديدة للحياة وثقافة “المفاهيم الخاطئة” السائدة. ويقترن اسمه كرمز من رموز النهضة العربية، هي حركة التنوير في القرن التاسع عشر والمستوحاة من التواصل بين مصر والشام مع الغرب، بقيادة الطهطاوي وقادة فكريين مثل أحمد فارس الشدياق وبطرس البستاني وغيرهم.
عندما عاد الطهطاوي إلى وطنه عام 1836 وأصبح مديرًا لمدرسة الألسن التي اتخذت من القاهرة مقراً لها، ثم أصبح فيما بعد مديرًا لقلم الترجمة الذي تولى ترجمة كتب التاريخ والجغرافيا والعلوم العسكرية، لم يكن يواجه تحديًا في العثور على مرادفات من اللغة العربية للمصطلحات العلمية الناشئة في البلدان الأصلية، ولكن كان من المتوقع منه أن يوفق بين ذلك وبين الثقافة العربية الإسلامية. وفي الحقيقة إن أعماله تعرضت للنقد الشديد في عهد الخديوي عباس الأول، وتم إرساله إلى الخرطوم حين كان السودان تحت الحكم المصري حيث عمل مدرسًا، قبل أن يعيده الحاكم الجديد، الخديوي سعيد، إلى القاهرة لاستئناف العمل في مساعيه العلمية.
يشتهر الطهطاوي بـ “مساهمته في تطوير مفردات” اللغة العربية وكونه بطل الحداثة الإسلامية. وكان الطهطاوي الذي ترجم وأشرف على ترجمة أكثر من 2000 كتاب إلى اللغة العربية، يعتقد أن الإسلام في جوهره يتوافق مع الحداثة الأوروبية. وفي الواقع، تعرّف موسوعة روتليدج للحداثة الطهطاوي على أنه “مصلح ومفكر مصري معروف على نطاق واسع بأنه رائد النهضة المصرية في القرن التاسع عشر. وهو ركن أساسي في المجال الثقافي في النهضة العربية، وهي حركة التحديث في مصر التي سعت إلى جلب وتطبيق الابتكارات العسكرية والعلمية والتقنية والتعليمية من الغرب”.
تعطي مواضيع كتبه المكتوبة والمترجمة فكرة جيدة عن مساهمته، وتعد مساهماته مثل تعريب قانون التجارة عام 1868، وتعريب القانون المدني الفرنسي (1866)، وتعريب علم الجغرافيا عام 1835 مرجعا رئيسيا للمترجمين والمناهج المدرسية عبر القرن ونصف القرن الماضيين.

 

No comments yet.

Leave a Reply